قصة عمير بن سعد الصحابي الجليل وأظن أن الكثيرين منا لم يسمعوا باسمه وهو من قال عنه عمر بن الخطاب " عمير بن سعد نسيج وحده " .
كان هذا الصحابي الجليل يتيم الأب فقد توفي والده وهو صغير دون أن يترك له مالاً أو معيلاً ولكن والدته تزوجت من ثري هو الجلاس بن سويد فكفل عميراً وضمه له .
وقد لقي الطفل عمير من الجلاس رعاية لم يكن ربما ليجدها من والد نحو ولده فأحب عمير الجلاس حب الولد لوالده كما أحب الجلاس عمير حب الوالد لولده .
وقد أسلم الفتى عمير وهو في العاشرة من عمره وكان لا يتأخر عن الصلاة خلف الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت حياته سعيده حتى أذن الله أن يختبر قوة إيمان هذا الفتي اليافع .
ففي السنة التاسعة للهجرة أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم عزمه على غزو الروم في تبوك وأمر الناس بالاستعداد لها وقد بين صلوات الله وسلامه عليه وجهة تلك الغزوة على غير العادة وذلك لبعد المكان وعظم المشقة وقوة العدو .
وبدأ الصحابة رضوان الله عليهم بالتضحية بالأموال والأنفس في سبيل الله فهذه تبيع حليها والآخر يحضر كل مافي بيته وهذا يعرض فراشه للبيع ليشتري سيفاً وووووووو.....
وعجب الفتى اليافع من تقاعس الجلاس عن هذا الأمر فذهب إليه وأرد أن يستثير همته فأخبره بما شاهد من الصحابة ....
ولكن الجلاس ما أن سمع هذا الكلام من عمير حتى قال له كلمات أطارت صواب الفتى المؤمن لقد قال له ( لو أن محمد صادقاً فيما يدعيه من النبوة فنحن شر من الحمير ) !!!!!!!!!!!!!!!!
وقع الفتى المؤمن في حيرة هل يسكت عن الجلاس لأنه قد رباه وأحبه أم أن هذه خيانة لله ورسوله ؟؟؟؟ وصار عقله يعمل بسرعة إلى أن قال له : والله يا حلاس ما كان على ظهر الأرض أحد بعد محمد بن عبد الله أحب إلي منك ...
ومضى الفتى إلى المسجد وأخبر الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بالقصة ، فأمر الرسول بالجلاس فجاء وأخبره بمقولة عمير فقال الجلاس : كذب يا رسول الله وأخذ الناس يتهامسون فيما بينهم : إن هذا الغلام عاق لقد افترى على من رباه ...
والتفت الرسول إلى عمير فوجد الدموع تتساقط من عينيه وكان يقول : اللهم أنزل على نبيك بيان ما تكلمت به ....
فقال الجلاس : إني أحلف أنني ما قلت هذا الشيء ........ ثم غشيت الرسول السكينة فعرف الصحابة أنه الوحي فسكتوا حتى سري عن الرسول ثم تلا قول الله تعالى (( يحلفون بالله ماقالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم )) ... إلى قوله تعالى (( فإن يتوبوا يك خيراً لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذاباً أليماً ))..
فارتعد الجلاس وقال بل أتوب يارسول الله . ثم عاد الجلاس إلى الإسلام وحسن إسلامه وكان يقول دائماً جزى الله عميراً عني كل خير لقد أنقذني من الكفر وأعتق رقبتي من النار ..
قصة إيمانية مشرقة يظهر فيها الحب لله ورسوله من هذا الفتى المؤمن ..